P_r_i_n_c_e_of_a_l_e_x
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


p_r_i_n_c_e_of_a_l_e_x----------p_r_i_n_c_e_of_a_l_e_x
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 النقد

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
zezoooooo

zezoooooo


المساهمات : 96
تاريخ التسجيل : 25/02/2009

النقد Empty
مُساهمةموضوع: النقد   النقد Icon_minitimeالأحد أبريل 05, 2009 10:23 pm

أن أَنقدَك وتَنقدَني ضرورة لي ولك. لا أنا كامل ولا أنت. أنت مرآتي وأنا مرآتُك. أنا بحاجة لأن تنقّحني وأنت بحاجة لأن أُنقّحك. فقط المغترّ بنفسه يظن أنه ليس بحاجة إلى مَن ينقده. مَن يغتاظ من نقد الآخرين له يدلّ على أنّه ناقص الفهم وكذا مَن لا يكفّ عن تبرير نفسه ولو بلهجة هادئة. لا حقّ لأحد في أن ينتقد إن لم يكن مستعدّاً لأن يقبل الانتقاد. مَن لا يرى في الآخرين خيراً أعمى. مَن يكتفي من الحكم بالإعابة على الآخرين مواقفهم وآراءهم يجعل نفسه، في الحكم، محلّ الله. مَن يرى في الآخرين نقيصة في كل حال كمَن يمدحهم في كل أمر. كلا الأمرين معيوب. في الأول يدينهم وفي الأخير يحابيهم. مَن لا يرى الخير في أخيه لا حقّ له في أن ينتقده. انتقاده له، إذ ذاك، مغروض وهدّام. النقد للبناء لا للهدم. لذا ليس النقد أن ترى العيوب في الآخرين وحسب.
طالما النزعة فيك أن تهدم فخير لك أن تصمت. ملاحظاتك ولو في محلها تَكُنْ في معرض الإساءة. عليك أن تميّز بين أخيك ورأيه، أخيك وموقفه. أما هو فتحبّه في كل حال وتُظهر له محبّتك بطريقة يحسّ بها. بعد ذلك تنتقده في ما يفعل أو في ما يقول. نقدُك، إذ ذاك، يكون في إطار الرحمة. لا تنسَ القول الكتابي: 'ليؤدّبني الصدّيق برحمة ويوبّخني، أما زيت الخاطئ فلا يُدهَن به رأسي'. فإن كانت الرحمة ديدنك زِنْت كلماتك ولطّفت لهجتك حتى يكون لأخيك أن يقبلها وينتفع منها. وإلا لقيت منه ردّ فعل. قاومك. تحرّك فيه ما هو سالب. يدافع عن نفسه. يردّ لك الصاع صاعين. ترى فيه السيّء فيرى فيك الأسوأ. وإن صَمَتَ فعادة ما يكون صمته مُحبَطاً. يبغضك. يرفضك لأنّه يحسّ بأنّك رفضته.
ما تزرعه إياه تحصد. الروح التي تتكلّم فيها أهمّ من ملاحظاتك. لا تطالبه بأن يكون موضوعياً بالكلية. حتى في إطار الموضوعية والعلم والمنطق اللطف حكمة والتجريح غير مقبول. ليس الإنسان آلة. الإنسان قلب أولاً. عقله قائم في قلبه لا في ذاته. ولو تظاهر بالهدوء والعقلانية فإنّ نفسه تكون في أجيج. ومتى اضطربتْ نفسُه ورام أذيتك استعمل عقله، وبحدّة، ليعيب عليك ما تقول أو ما تفعل.
فيما إذا ارتاح لك حاورك بالحسنى وتفاعل وإياك بالطيِّبات. الكلمة، كل كلمة، لها مدلولها العقلي ولكنْ لها، في آن، مدلولها الروحي والانفعالي. ذاك لا يكون من دون هذا. كل صراع بين الناس، بالكلمة أو بالموقف أو بالعمل، مردّه ما يكنّه الواحد منهم للآخر في القلب. لأن هذا يحسّ بأنّ ذاك يلغيه أو يحتقره. يقاومه. لغة العقل، إذ ذاك، لا تعود مجدية. تبطل. يصيران كما في برج بابل حيث لا أحد يفهم لغة أحد. ليس الموضوع أن تكون لك والآخَرين لغة واحدة أو قواعد منطقية واحدة أو ثقافة واحدة. ليس شيء من هذا يجمع. وحدها المحبّة تجمع. وحيث لا محبّة لا يعود أحد يسمع. كل يريد أن يتكلّم. وإذا سمع فلكي يردّ وينتقد. هذا هو حوار الطرشان.

أحيانا الكثير من هذا. يدعون إلى الحوار ولا يتحاورون. كل يحاول أن يحقّق مكاسب. كل يحاول أن ينال من الآخَر بالعقل والأرقام والحجج واللباقة الكلامية. وبالنتيجة لا يصلون إلى نتيجة. في أحسن الحالات يصلون إلى مساومة. يعطي كل للآخَر ما يعطيه مرغماً لأنّه لم يكن بالإمكان أفضل مما كان. حيث لا محبّة ساد الشكّ وحيث الشكّ ساد انعدام الثقة وحيث انعدام الثقة تحوّل الحوار إلى مماحكة أو إلى مصارعة كلامية. ومع ذلك يصرّون على الحوار. يصرّون على الحوار ولا يريدون أن يتحاوروا. ليس الحوار أن تعطي الآخَر نصف الرغيف، أكثر أو أقل، وتأخذ أنت النصف الباقي. الحوار أن يكون لكما معاً الرغيف كلّه كالهواء. أنت لأخيك وأخوك لك. إذا لم تتّحد معه بالحبّ، بالاحترام، بالتقدير... فلا نفع من محاورته. قد تقول أنا مستعد لأن أتعامل وإياه بنقاوة قلب، لكنّه هو لا يقبل أو ليس أهلاً للثقة. لا هكذا يفعل مَن يطلّ على أخيه بروح الوداد. لِمَ لا تقول أُعامله بثقة فيتحرّك فيه الأفضل. تخاف أن يستغلّك؟ المحبّة تقوى على الخوف.
ألم يقال: 'كونوا حكماء كالحيّات وودعاء كالحمام؟' وداعة الحمام ليست سذاجة بل الحكمةُ على أساس الوداعة تصير أحكم لأنّها تكون حكمة من فوق، والله أحكم الحكماء.
الحوار، أصلاً، بحاجة إلى حكمة إلهية لا فقط إلى حكمة بشريّة لأنّ البشر من دون الله حكمتهم أنانية مزغولة متحيِّزة غير عادلة، وهي حكمة في الشرّ أكثر منها في الخير. فلا نتصوّرن أنّ الحوار ممكن من دون فعل المحبّة. الأحشاء التي لا تكون نقيّة لا تكون قادرة على إنجاب ما هو نقيّ ومنصف. كل إناء ينضح بما فيه. لذا قبل الحوار، أو بكلام آخر، قبل النقد أن يتنقى حشا كل منا بالمحبّة الأصيلة المِقدام. أحد المربّين عرض مرّة أسلوبه في النقد الأدبي، وهذا يصحّ في النقد بعامة وكذا في الحوار. قال إذا قرأتُ عملاً أدبياً لأحد أسعى أولاً لأن أستوعب ما فيه من حسنات. هذه أُبرزها بوضوح وأُبدي تقديري لها. ثم بعد أن أفعل ذلك أُشكّك بنعومة وبلا تجريح في نقاط أخرى وأُبدي في شأنها رأياً من دون إطلاقية لا كمَن يرى أنّها لا تنفع بل كمَن يرى أنّه من الممكن تحسينها أو استكمالها أو تنقيحها في هذا الاتجاه أو ذاك. ثمّ بعد أن أفعل ذلك أعود وأؤكد النقاط الطيِّبة التي أشرت إليها بدءاً. على هذا النحو أكون قد أبديت رأيي بطريقة واضحة، ولكنْ إنسانية محبّية قابلة للهضم. وما فعلتُ في البداية وفي النهاية يجعل صاحب العمل الأدبي يشعر بأنّي أُلاحظ وأُقدّر إيجابيات إنتاجه، فتأتي ملاحظاتي رفيقة لتعين المنتج في تحسين عمله. هكذا أكون قد بلغت قصدي في النقد دون أن أجرح أو أعرِّض غيري للتجربة ولردود الفعل. بعد ذلك إذا لم يشأ أن ينتفع فهذا لا يكون بسببي أنا بل لأنّه هو يكون ممتلئاً من ذاته.

لنقد، إذاً، أساسه المحبّة. لا أقول اللياقة والتهذيب بل الاحترام واللطف والتقدير والإيجابية. كل شيء في العلاقات بين الناس، في الفكر أو في الكلمة أو في الموقف أو في العمل أساسه المحبّة. فإن تعلّمتُه على هذا النحو صار لي فنّاً وإبداعاً وصار لي الحوار للفرح، وإن لم أتعلّمه صار لي النقد تقنيّة قاسية في معرض الصراع بين الأفراد والشعوب. فَلْتُسَمَّ، إذاً، الأمور بأسمائها! حيث لا محبّة لا نقدٌ للبناء بل للهدم وحيث لا أحشاء نقيّة لا حوار بل صراع يتردّد بين التهذيب والخناق، وأقصى محصّلته المساومة المرّة. والمساومة، في نهاية المطاف، خسران لأنّها مؤشّر إصرار الناس، المتحاورين شكلاً، على ألاّ يتحاوروا في مستوى نضوج إنسان القلب. وفي هذا تأليل لهم (من آلة) وإذلال لإنسانيتهم وانحطاط للعلاقات فيما بينهم!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
النقد
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
P_r_i_n_c_e_of_a_l_e_x :: ----- المنتدى الثقافى-
انتقل الى: